لم تعثر على مُشكلتك تحدث معنا في منتهى السرية
عندما كانت معاناتي اليومية تفوق طاقة احتمالي، كنت أجد ملاذاً في أن هناك الكثير من الطعام ينتظرني عندما أحتاجه، فكنت في كثير من الأوقات أكل حتى عندما لا أشعر بالجوع.
لم يكن الخمر هو من دعاني للإمساك بالكأس يوماً، ولم يكن الخمر أجبرني أن أشربه يوماً، ولم يطلب مني الإفراط في تناوله يوماً ما، لقد كان هذا الأمر باختياري.
الشخص الوحيد الذي كنت أعتقد أنه يجدني مميزة، ويرغب فيَّ، ولا ينظر لغيري، كان يختار أن يوجه طاقته الجنسية إلى أحد الشاشات بدلا مني.
كان حينما يتأخر عن العمل أو تبدو الأمور غير منطقية أو عندما كان يكذب بوضوح، كنت أوجه اللوم لكل شيء ما عدا تلك الأقراص.
في الماضي كنت شخصا طموحاً و متحمساً و ركزت دائما على النجاح. لكن بسبب تكرار إصاباتي في الرأس، قضيت ثلاث سنوات طريح الفراش.
اتضح لي بأن العلاقة الجنسية التي وعَدت بها الأفلام الإباحية مجرد وهم، كنت أبحث عن المتعة الجنسية دون الشعور بالخجل.
كانت تمر أحياناً أيامًا كاملةً دون أن أتواصل مع أبنائي بشكل ودي وعميق. فشعرت بالخوف من فقدان التواصل معهم.
لم ينمو طفلك أكثر من ذلك. مستحيل أن يحدث هذا، لا بد أن هنالك خطاً ما. متى استيقظ من هذا الكابوس المريع؟
كنت أعد الأيام المتبقية حتى يمكنني الحصول على دوائي مجدداً، إلى أن وصلت لمرحلةٍ أصبحت فيها الأقراص أهم شيء في حياتي.
كنت موقنة أنه يجب علي أولا الاهتمام بنفسي - بجسدي، وبعقلي، وبروحي، وبصحتي - لكن كنت في مرحلة البحث عن التوازن.
في كثير من الأيام كنت أقيم فيها احتفالَ شفقةٍ على نفسي، وكنت أشعر بالأسى لأنه لم يكن بوسعي أن أحظى بيومٍ واحدٍ طبيعي.
في هذا المكان المظلم الأشبه بالسجن، لا يوجد ما أفعله سوى النوم أو البكاء إلى أن يكاد رأسي أن ينفجر. أصبحت عبدة لأفكاري السوداء و مشاعري السلبية.
منذ ثلاث سنوات، أخذ زوجي نفسه الأخيرة في هذه الحياة. بعدها بدأت معاناتي في أصعب رحلة عشتها في حياتي وقد كانت رحلة إكمال حياتي بدونه.
بدأت أتعامل معهم بالصمت، وكنت أقول لنفسي دائماً، لا تنطقي بأي كلمة، لا تحاولي لفت أنظارهم، فربما لو نسوا أنك موجودة هنا فقد ينتهي هذا الأمر، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل.
من أكثر الحقائق المؤلمة التي يعاني منها الأشخاص الأحياء، أنه لم يعد بوسعهم صنع ذكريات جديدة مع الأشخاص الذين تحبهم. فمن الآن وصاعداً سيغيبون عن كل المناسبات...
في عامي الثالث والستين، شخصني الأطباء بأني مصاب بمرض التليف الرئوي. لم يكن لدي أدنى فكرة متى وكيف أصبت به، وأظهرت الصور بأن رئتي سوداء تماماً، لقد كانت الأمور سيئة جداً.
في العديد من الليالي المظلمة ولمدة طويلة استغرقت شهوراً، كنت أتقلب على فراشي طوال الليل. بسبب موضعنا المالي سيطر علي التوتر و كنت أعاني من الأرق ليلا.
مرت أيام كثيرة دون أن أتوجه بالحديث لأحد، أو أنطق بأي كلمة. كان هنالك الكثير من الناس حولي، وكانوا يتفاعلون معا ويمرحون معاً، ولكنني كنت دائما أجلس وحيداً.
أنا و زوجي قررنا إنجاب طفل، بالنسبة لبعض الأزواج يعتبر أمرا عادياً، لكنه بالنسبة لنا كان هدفاً كبيرا ومخيفاً، فالأمر كان يحتاج لمعجزة.
اليوم الذي فقدت فيه أبي، شعرت أنني قد متُ أيضاً. إيجاد الشفاء من هذه اللحظة البشعة كان أصعب شيء اضطررت الى القيام به في حياتي.
في عقلي كانت تراودني أفكار أنه: سيتم طردي من العمل، أو تم طلاقي، أو أنهم شخصوني بمرض ما وتم دفني، أعتقد أن عقلي أصبح مكانا مرعبا.
لا أعلم متى سيفاجئني الألم مرة أخرى أو لماذا؟ كنت أحياناً أستطيع فعل كل ما أريده وما خططت له، فكنت أستمتع بقيادة الدراجة الهوائية أو ممارسة الرياضة.
كنت أحتاج من زوجي الاهتمام بي وبمشاعري وأن يستمع إليَّ – أن يكون حاضراً دائماً وينظر في عينيَّ فقط. ذلك يشعرني بالأمان، ولكنه لم يكن يعرف كيف يفعل ذلك.
لقد كنت أشعر بالخوف من نفسي، فحين كنت أنظر إلى ابني وأعلم بأنني وضعت قائمة الأشخاص الذين يتوجب حمايته منهم كنت أشعر بالحزن لأن الأمر أصبح غريباً.
حين فقدت رجلي، لم أستطيع بعدها المشي أو إنجاز الأمور بالطريقة التي اعتدت عليها سابقاً،انقلبت حياتي رأسا على عقب.
التهكم من قِبَلِ المديرةِ، التي كانت تخشى أن أظهرَ في صورةٍ أفضلَ منها، والضغط المستمر، تسبب لي بأمراض عضوية و جسدية.
فجأة وجدت نفسي في غرفة الطوارئ، وقد شخصوني حينها أنني مصاب بمرض تمدد الأوعية الدموية. لقد أثر في هذا الأمر كثيراً.
بعد عشر سنوات كنت أجري خلالها فحصاً سنوياً كان لا يزال هذا الفحص يظهر نتائج مبشرة، وأن السرطان قد اختفى، ولكن بعد ثلاثة أسابيع...
كنت أعاني بتجويع نفسي و حرمانها أحيانا حتى حدود الموت. لأثبت للجميع أنني جميلة و رشيقة و جذابة.
انتابني حينها مزيج من مشاعر الحزن والغضب والحزن والارتباك والحرج. وما زلت أتذكر حين قُلتها بصوت عال: "لقد فقدت عملي للتو."