العيش في خوف
بينما كنت في صف التاريخ وأثناء محاولتي الوصول لمكتبي، قبل عشرين عاما من اليوم قيل لي " لا يمكنني أن أنسى وجهك أبداً، إنه قبيح". يمكنني أن أخبرك أيضا أنه كان في ذلك اليوم يرتدي قميصا عنابياً وأتذكر أنه رحل ثم عاد ليلقي بتلك الكلمات.
إنه التنمر بأشكاله العديدة والمختلفة، فمن أشكاله تعرض البعض للضرب أو المضايقة أو تجنب الآخرين لهم، أما بالنسبة لي فقد كانت الكلمات مثل "أنتِ غبية جدًا" أو "أنت تعلمين أنه لا أحد يحبك، أليس كذلك؟" أو التعليق على مظهري. أحيانا كنت أركب الحافلة المدرسية وأضطر لسماع الأقوال والأوصاف الشنيعة التي تقال عني.
كنت أعاني من هذا الأمر، فقد كان قاس جداً. كان هنالك ستة أشخاص هم من يقومون بذلك وكنت أنا وحيدة. لذلك كان عليَّ تعلم لغة الصمت وبسرعة كبيرة. فكنت أقول لنفسي "ابقِ رأسكِ إلى الأسفل"، لا تنطقِ بأي كلمة"،" حاولي أن تكوني غير مرئية". ربما إذا نسوا أنكِ هنا فسوف يتوقف الأمر".
ولكن الأمر لم يتوقف لا في الصف السادس والسابع ولا حتى الثامن، وعندما دخلت المرحلة الثانوية كنت أحاول دائما التخفي بين 1200 طالب، وعدم الظهور في الواجهة. ومع ذلك لم أنجو واستمر الأمر في ذلك العام وفي العام التالي والعام الذي يليه.
عند نزولي من الحافلة كنت أحاول السير ببطء حتى أصل منزلي، ليس لأنني لا أريد العودة للمنزل ولكن لأنني أعلم بأنه بقي 18 ساعة حتى أعود مجددا للمدرسة. فكانت هذه هي أكثر اللحظات الآمنة في اليوم ولكني على يقين بأن الزمن لن يتوقف وسوف أعود.
من واقع تجربتي أستطيع إخباركم بأن الخوف والعيش فيه مرهق جدا، لقد كنت أمر بأمسيات وبعطلات نهاية أسبوع مؤلمة جدا. وخصوصا في ظل انتشار الإنترنت وسرعة نشر الأكاذيب من خلاله، وتعتبر وسائل التواصل الاجتماعي أرضا خصبة للمتنمرين حتى يتنمروا عليك قبل أن تبدأ يومك.
ابقِ رأسكِ إلى أسفل. لا تنطقي بأي كلمة. حاولي أن تكوني غير مرئية. ربما إذا نسوا أنكِ هنا فسوف يتوقف الأمر. الأمر لم يتوقف
ما أصبحت أعرفه وأثق به الآن هو أن المساعدة كانت متاحة، لو كنت فقط طلبتها أو بحثت عنها لتخلصت من المتنمرين. لكنني كنت أستطيع القيام بذلك قبل سنوات عديدة لو كنت أملك الشجاعة لإخبار أحد بما كان يحدث لي. كنت خائفة من أن تسوء الأمور أكثر. فلم أخبر أحدا وقتها، وبعدما تجاوزت الأمر بسنوات أخبرت والدي عما كنت قد مررت به وعندما سألني ذات يوم أحد أستاذتي المفضلين، "هل يزعجك هؤلاء الأولاد؟" كذبت في وجهه وقتها.
كوني أصبحت شخصا بالغا، أعلم جيدا الآن بأن التخويف شكل من أشكال التنمر العديدة. حيث يقوم المتنمر بعزل الضحية، ويقنعها بأن أفكارها غير صحيحة وغير مقبولة، وأنه لن تجد يوما من يستمع إليها، وأنها مهمشة وغير مهمة إطلاقا ولن يساعدها أحد حتى لو علموا ماذا يحدث معها، سوف يقنعون الضحية بذلك وأنها وحيدة تماما، وهذا أمر خطير للغاية.
بالنسبة لي جعلني هذا الأمر وتصديقي لما يقولونه، أخطط للانتحار. هناك من يقول أن الانتحار حل دائم لمشكلة مؤقتة، لكن مع كل احترامي، كان لي هذا محض هراء. فقد تعرضت يوميا للإساءة اللفظية والمعنوية، لست سنوات حتى أصبح عمري ستة عشر عاما، أي اني تعرضت للتعسف لما يقارب نصف سنين عمري تقريبا آن ذاك.
الحكم والأمثال، لا تساعد حقاً في مواجهة شيء خطير ومخيف مثل التنمر والانتحار.
ما يساعد في ذلك حقاً هو التعريف المكتوب في موقع الانتحار الرائد على شبكة الإنترنت،
وهو: "الانتحار لم يكُن خياراً. لكن يحدث ذلك عندما يتجاوز الألم الموارد للتعامل معه ".
السبب الأول للانتحار هو عندما يكون الألم الذي تحملته لا يطاق، فهو ليس مهرباً أو خياراً أنانياً أو طريقا سهلا. إنه المشهد الأخير في معركة لم تكن عادلة أبدا منذ البداية، فالانتحار هو أمر مأساوي، وهو أسوأ طريقة ممكنة لحل المشكلات.
فإذا كنت تنوي أو أي شخص تعرفه يحاول الانتحار، فيمكنك رفع سماعة الهاتف وطلب رقم النجدة أينما كنت، فدائما هناك طريقة أفضل.
ومن واقع خبرتي وبصفتي شخص بالغ، فإن التخلص من الأفكار التي تتولد بسبب كلمات التنمر، التي قد تكررت لك وسمعتها مرات كثيرة قبل ذلك وتبقى تدور في ذهنك ويستعيدها عقلك كل فترة، يستغرق بعض الوقت.
ان الانتحار يحدث عندما يكون الألم الذي تحملته لا يطاق، فهو ليس مهرباً أو خياراً أنانياً أو طريقا سهلا، إنه المشهد الأخير في معركة لم تكن عادلة أبدا منذ البداية
خلال سنتي الأخيرة بالجامعة كانت لي صديقة وكانت هي الشخص الوحيد الذي أخبرته عن القصة الحقيقة الكاملة. وكانت وقتها تمسك بيدي وأنا أرتجف أثناء روايتي للقصة، وحتى يومنا هذا ما زالت هي الشخص الوحيد الذي يعرف كل شيء.
ففي أحد المرات كتبت لي رسالة اعتدت أن أقرأها في كل مرة تأتني فيها تلك الأفكار القديمة. لقد كان ذلك شيء صلب يمكنني الاحتفاظ به عندما كنت أفقد ثقتي بكل شيء، لقد كانت شريان حياتي لفترة طويلة.
يسعدني الآن أن أخبركم بأنني في هذه الأيام لست مضطرة إلى إخراجها كثيرا.
إذا كنت قد تعرضت للتنمر
فإن تلك الرسالة هي لك أيضا، وسوف نكون سعيدين إن استعرتها:
لا تستمع لأصواتهم.
أنت جميل(ة).
أنت ذكي(ة).
أنت محبوب(ة).
أنت لست وحدك.
إذا كنت تتعرض للتنمر، أو ما زالت الكلمات القديمة تتردد في ذهنك فأنت لست وحدك، ولست سيئا كما يصفونك.
اترك معلومات الاتصال في الأسفل وسنتواصل معك في أقرب وقت.
لا ينبغي أن تواجه مُشكلتك لوحدك، تحدث إلى مُرشد مُرافق بالموقع بكل سرية و مجاناً
مُرشدونا ليسوا بمعالجين أو استشاريين أو أخصائيين في الطب النفسي. إنهم أناس عاديين لديهم الرغبة في تشجيعكم بكل محبة واحترام
بعض المشاكل يكون من الصعب جدا التعامل معها. فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو الأخرين, يُرجى قرأة هذه المقالة!
يرجى ملء النموذج أدناه حتى نتمكن من التواصل معك. جميع الحقول مطلوبة