حياتي ضائعة

لم تكن بداية رحلتي في إدمان الكحول في فترة الجامعة بهدف المتعة، فقد كنت أشرب في البداية حتى أتخلص من القلق الاجتماعي الذي كان سببا في عدم قدرتي أن أتأقلم مع الأخرين. وسببا في كوني وحيدا في غرفة السكن الجامعي ولا أريد مغادرتها، فكانت تنقصني الثقة لتكوين صداقات جديدة أو حتى التعرف على الفتيات.

حتى مع وجود عائلة وأصدقاء يحبونني كثيرا، إلا أنني كنت دائما أشعر بالوحدة وأشعر بإنكار الذات حتى جاءت الكحول كَحلٍ سحري لكل هذه المشكلات.

ففي بضع ساعات حولتني الكحول إلى شخص آخر فأصبحت شخصا اجتماعيا مرحا واثقا من نفسه مما خدر الألم الذي كنت أشعر به، وبقيت الكحول هي ملاذي ودوائي الذي لا غنى عنه لمدة عامين.

حتى بعدما غادرت الجامعة وبدأت استكمال دراستي عبر الإنترنت لأحصل على شهاداتي بقيت الكحول هي الصديق الصدوق غير أنني كنت أعاني من مشكلة في جلب المزيد من الكحول إلى المنزل وشربها بسبب وجود عائلتي. فكانت مرحلة غير مستقرة من الشرب وليست كرحلة الجامعة، وكنت غالبا أستغل فرصة غيابي عن المنزل لأشرب، وكنت أفرط في الشرب ولا أبالي بالمسافات التي سأقطعها للوصول إلى المنزل وكنت أحاول تفادي أي أخطاء أثناء القيادة كي لا أتسبب بقتل نفسي أو أي شخص آخر.

وأصبح شغلي الشاغل ملاحقة المشاعر التي أشعر بها عند شربي للكحول. أنانيا، لم أعر أي اهتمام لخطورة القيادة وأنا على هذه الحال فكنت أعرض حياتي وحياة الأخرين ممن هم معي إلى الخطر.

توقفت مؤقتا عن شرب الكحول لأجل التحدث مع الفتيات، وبدأت فعلا بمواعدة فتاة أحلامي، وكانت أم لفتاتين صغيرتين، لذلك كان يتحتم عليَّ أن أكون مسؤولا عنا وأكون بمثابة الأب للفتاتين، على الرغم من أنني كنت لا أشرب أمام الفتاتين إلى أنني في الأيام التي أكون فيها وحيدا كنت أفرط في الشرب.

أقمت حفلة خطوبتي على المرأة التي أحبها، وبالرغم من أننا أحببنا بعضنا كثيرا، إلا أن هذا لم يكن كافيا لي، لأنني ما زلت لا أحب نفسي ولا أتقبلها ولا أؤمن أنها تستحق الحب. ويعتريني دائما شعور أنني لا أستحق هذا الحب، وكان هذا سببا في مواصلتي شرب الكحول دون أن أكترث لحياتي إطلاقا.

لم يكن أحد يعرف بأنني كنت أخصص كل ليلة ثلاثاء للشرب حد الغباء، ولا بحالة الهيجان الذي كانت تلازمني عند السكر، ولا بكرهي لنفسي في ذلك الوقت.

ليس إلا بعد فوات الأوان.
في يوم 25 مايو 2015 يوم عيد ميلاد خطيبتي وقبل زفافنا بأربعة أشهر غادرت شقة خطيبتي حوالي الساعة الثانية صباحًا، وكنت ثملا جداً، وبعدما سرت ميلا واحداً مبتعدا عن شقتها حاولت تغير قرص مدمج (سي دي روم) في السيارة، وفجأة اصطدمت بعامود الإنارة، و مازلت لا افهم كيف لم يسحقني، سقط العامود فوق السيارة التي كنت أقودها وكاد أن يسحقني.

بعد أسبوع فقط تم إلغاء حفل الزفاف وكان ذلك بعد الحادث بوقت قصير.

أدركت وقتها أنني لا أستطيع إلقاء اللوم على الكحول واتهامها بتدمير حياتي فقد كنت أنا الوحيد الذي يستحق الملامة، فقد تجاهلت كل الطرق الممكنة للتخلص من القلق الاجتماعي فلجئت إلى الكحول بدلا من طلب المساعدة من الآخرين، وأخفيت عن الجميع إدماني للكحول، وكرهت نفسي وكدت أن أتسبب بمقتلها.

كانت الكحول مشكلة في حياتي، ولكن المشكلة الأساسية كانت أنا.

كانت الكحول مشكلة في حياتي، ولكن المشكلة الأساسية كانت أنا

المتسبب في الإدمان هو الشخص المدمن نفسه فهو من يقرر. فهو من يلجأ إلى الإدمان لحل مشاكله والهرب منها، ويحدث الإدمان عندما يخشى الشخص مواجهة مخاوفه ويحاول الهرب منها، ولكي أتخلص من الإدمان كان على احتواء مشاكلي ومحاولة حلها، عندها فقط تجاوزت مشاكلي مع الكحول.

قضيت فترة أربعة أشهر في مؤسسة "مدمني الكحول المجهولي"، لم يجبرني أحد على ذلك، ولكنني كنت أعرف أنه علي مواجهة الواقع الصعب الذي أدى إليه إدماني للكحول، لقد كنت بأمس الحاجة للتواضع ولسماع صوت الحكمة والمنطق من الأشخاص الذين مروا بتجارب وظروف أسوأ مني.

واجهت مشكلاتي أولا بالصدق مع عائلتي وأصدقائي، بدأت الاختلاط بالناس والحديث إليهم واخبارهم بمشاكلي وما كنت أعاني منه، وبدأت أعطى إجابات صادقة على سؤالهم: كيف حالك؟ فكنت أجيبهم بأنني طلبت المساعدة للتعامل مع قلقي الاجتماعي، لذا لم أعالج نفسي بالكحول.

و تخطيت مشاكلي مع نفسي بالكلام و التفكير و معاملة نفسي كأن لها أهمية و قيمة، لقد تعلمت أن أحب نفسي كما أنا.

التعافي لا يحدث في العزلة، التعافي يحدث فقط في اطار جماعة من حولك، بغض النظر عن نوع إدمانك، فأنت لست مضطراً أبدا لتبقى هكذا، ومهما كان سبب توجهك للإدمان فلن تضطر لمواجهته بمفردك.

في بعض الأحيان نحتاج لشخص يستمع لنا وببساطة يفهمنا.أترك معلومات الاتصال الخاصة بك في الأسفل، وسيقوم أحد أعضاء فريقنا بالاتصال بك والاستماع إلى قصتك.


لا ينبغي أن تواجه مُشكلتك لوحدك، تحدث إلى مُرشد مُرافق بالموقع بكل سرية و مجاناً

مُرشدونا ليسوا بمعالجين أو استشاريين أو أخصائيين في الطب النفسي. إنهم أناس عاديين لديهم الرغبة في تشجيعكم بكل محبة واحترام

بعض المشاكل يكون من الصعب جدا التعامل معها. فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو الأخرين, يُرجى قرأة هذه المقالة!

يرجى ملء النموذج أدناه حتى نتمكن من التواصل معك. جميع الحقول مطلوبة

جنسك:
السن:

نطلب معلومات عن عمرك و جنسك كي يتابعك مُرشد مُرافق يناسبك شروط الإستخدام & سياسة الخصوصية.