كيف أعيش بدون أبي؟

لقد كنت كباقي الفتيات الصغيرات، كان أبي بمثابة البطل والأمير الذي يرتدي درعا لامعا وصديقي المفضل الذي يدافع عني، وكاتم أسراري، لقد كان أبي حبي الأول.

في ربيع عام 2004، مرض أبي وتم تشخيصه بالإصابة بمرض الفشل الكلوي والرئوي، مما جعله طريح الفراش. كانت حالته تسوء كثيراً في منتصف الليل وكنا نضطر لأخذه للمستشفى، كنت أشعر بأننا لا نفارق المستشفى، فقد كنا نرافقه ونحيط بسريره دائماً.
لم يكن أمراً سهلاً علينا رؤيته وهو يموت ببطء يوميا، لقد كنت أدعو الله دائماً وأتمنى من كل قلبي حدوث معجزة. كنت أريده أن يبقى حياً لأجلي إن لم يكن لأي شخص أخر. ولكن للأسف حالته كانت تزداد سوءاً يوما بعد يوم.

في أول يوم من أيام إجازتي الصيفية عدت إلى البيت مسرعةً، وكنت سعيدة لأنه أصبح باستطاعتي قضاء المزيد من الوقت بجانبه بدلاً من قضائه في الفصول الدراسية، ولكنه مات في نفس ذلك اليوم.

كانت حوالي الساعة الثامنة من مساء ذلك اليوم، عندما كانت بوابات بيتنا مفتوحة على مصرعيها، وكان العديد من الناس يجيئون إلى بيتنا. كان الجو حزينا، و كان الحزن بأشكاله المتعددة يعم أرجاء المنزل، ففي أحد الزوايا كنت تسمع البكاء وفي أخرى تنهيدات عالية ونحيب وهنالك من أصيب بالإغماء.
لقد كان أبي هو المعيل للعائلة بأكملها حتى والديه، وإخوته الأكبر سنا، أما الآن فقد كان علينا جميعا تحمل المسؤولية أنفسنا.
أحضر جثمانه إلى البيت من أجل الطقوس الأخيرة للجنازة، وبعد ذلك بيومين قمنا بدفنه.

وفجأة صدمت، فأبي لم يعد موجوداً

حدث الأمر برمته بسرعة كبيرة ولم أكن أعلم ما يسعني فعله، ولأنني كنت طفلة صغيرة في تلك الفترة كنت أؤمن كغالبية الأطفال بأنه سيعود يوما ما - إن لم يكن اليوم فقد يكون بعد عشر سنوات - قامت أمي باحتضاننا أنا وأخي وضمتنا في محاولة منها لتشرح لنا مفهوم الموت ولكنني لم أريد أن أسمع بأنني فقدت أكثر شخص مفضل لدي.

لم تعد حياتنا كما كانت، كان صعباً علينا التأقلم مع الحياة بعد موته، فلم يعد لدينا معيل سوى أُمِنا. كان عليها أن تضاعف مجهودها في العمل حتى تستطيع إرسالنا للمدرسة وتقديم الطعام لنا.

لقد مررنا بفترة مالية صعبة وغير مستقرة، وسرعان ما بدأنا نفقد الأمل، في تلك الفترة كان الفرح قلَّما يزورنا، فلم يكن بوسعنا معرفة كيفية تخطي هذه المأساة ومواجهة الحياة التي سنعيشها.

أتذكر أنني تعودت في نهاية كل أسبوع الذهاب لغرفته لمشاهدة برنامج الرسوم المتحركة الصباحي كما كانت عادتنا كل أسبوع، وفجأة تمر بخاطري فكرة أن أبي لن يكون موجودا هناك، فكنت أعود لغرفتي وأستمر بالبكاء لبضع ساعات، ومن ثم أجر نفسي خارج سريري لأكمل يومي الكئيب بدون حياة، لقد فقدت الحياة لونها ولم يتبقى لنا سوى الذكريات.

في كل مرحلة كنت أمر بها في حياتي كنت أشعر بمشاعر لا يمكنني تفسيرها – ولكن الشعور الرئيسي كان الألم.
كامرأة بالغة كنت أحتاج مشورة أبي و آرائه في طريقة سير عملي وحياتي، كنت أريد بشدة أن أحظى بمحادثة مع الرجل الذي كان حبه لي أنقى من الذهب.

وكنت ليلاً أبكي كثيراً حتى يغلبني النوم، فكل ذكرى معه كانت تفتح الجروح لتنزف من جديد، أصبحت لا أبالي بالحياة كثيراً، وبنيت الكثير من الحواجز، فلقد أصبح لدي مشاكل مع الثقة، وبمرور الوقت أصبحت غير واثقة من نفسي أيضاً.

لم يعد بوسعي جعل حياتي متماسكة والاستفادة منها كما يجب.

كلما كنت أشعر بأنني أفتقده وأحتاجه كنت أبكي، لقد بقيت أعاني من الحزن على فقدان أبي ولازمني هذا الشعور ما يقارب 20 عاماً، لقد كانت حياتي متوقفة تماماً، وكنت دائما أتوقع الأسوأ وأن الحياة لن تجلب لي سوى الألم.

وبعد ذلك أخبرني صديق لي عن الخسارة وعن الشفاء من آثارها، فالشفاء لا يعني بأن الحب والذكريات التي تحملها لذلك الشخص ستموت، ولكنها تعني بأننا يجب أن نعيش حياتنا بطريقة ستجعل ذلك الشخص سعيداً في الأبدية. وأنه لا يجب علينا التوقف عن العيش لأننا فقدنا شخصا عزيزاً، فعلينا أن نعيش بالطريقة التي كان يحبها لنكرم ذكراه ونقوي إرثه، أنا سعيدة حقا لأنني قطعت هذه المسافة في رحلة شفائي.

إذا كنت قد فقدت شخصاً تحبه وعانيت من الحزن أثناء حياتك، فأنت لست وحدك.

الشفاء ممكن، ولكن عليك البحث عنه ومحاولة الوصول إليه. الحديث عن أوجاعك من الممكن حقاً أن يساعدك.

اترك لنا بياناتك في الأسفل وسيقوم أحد أفراد فريقنا بالاتصال بك في أقرب وقت.

مصدر الصورة ian dooley

لا ينبغي أن تواجه مُشكلتك لوحدك، تحدث إلى مُرشد مُرافق بالموقع بكل سرية و مجاناً

مُرشدونا ليسوا بمعالجين أو استشاريين أو أخصائيين في الطب النفسي. إنهم أناس عاديين لديهم الرغبة في تشجيعكم بكل محبة واحترام

بعض المشاكل يكون من الصعب جدا التعامل معها. فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو الأخرين, يُرجى قرأة هذه المقالة!

يرجى ملء النموذج أدناه حتى نتمكن من التواصل معك. جميع الحقول مطلوبة

جنسك:
السن:

نطلب معلومات عن عمرك و جنسك كي يتابعك مُرشد مُرافق يناسبك شروط الإستخدام & سياسة الخصوصية.