ما لم أتوقعه حين كنت أتوقع

خمس سنوات كانت مرت على زواجنا حين قررنا أن نبدأ محاولات الإنجاب. حين حدث الحمل، التوقيت كان ممتازاً. كنا مستعدين للاستمتاع بكوننا آباء.

كان حَمْلي مليئاً بالعجائب. تابعت كل خطوة من خطوات نمو طفلي، قرأت كتب الأطفال، وعزفت موسيقى كلاسيكية لبطني. كنت نشيطة جداً في ممارستي للرياضات المائية، دروس التمدد والاسترخاء، حتى جزء السباحة الخاص بمسابقة التراياثلون المصغرة! فترة الحمل بكاملها كانت تمر بسلاسة. حتى أني قلت، "إذا كانت كل فترات الحمل كهذه، فأنا أريد أن أحظى بعشرةِ أطفال!"

في يوم 6 نوفمبر، 2005، في الساعة 5:30 صباحاً، أي بعد مرور 25 ساعة من نزول ماء الولادة الخاص بي، وبعد مرور 15 ساعة ونصف من عملية الولادة الشاقة وبعد حقني حتى أتحمل الألم، أنجبت ولداً صغيراً وجميلاً. بالرغم من أن الولادة كانت مبكرة بثلاثة أسابيع، إلا أن وزنه كان 4 كيلوغراما. كانت لحظة عظيمة! زوجي وأختي كانوا معي، وحضرت مجموعة من العائلة والأصدقاء أيضاً بعد الولادة بلحظات. كنا سعداء جداً.

بعد ولادة ابني، تغيرت الأمور. الفترة التالية للولادة مباشرة لا يمكن وصفها إلا بكونها فترة غير طبيعية! كنت عاطفيةً جداً: أبكي في لحظة وأضحك في الأخرى. بدأت تنتابني أفكار غريبة، والتي عرفت فيما بعد أنها جزء من الوسواس القهري لبعد الولادة. من حيث لا أدري كانت تنتابني فجأة فكرة "ماذا لو أذيت طفلي". هذه الأفكار كانت مخيفة ومزعجة. أنا أحب ابني ولم أكن أعلم من أين تأتي هذه الأفكار. كنت أعيش في خوفٍ من نفسي، وحين كنت أنظر لابني، كنت أشعر بالحزن والغرابة أني مضطرة لإضافة نفسي لقائمة الأشخاص الذين كان يحتاج للحماية منهم.

كان زوجي يدعمني بشكلٍ لا يصدق وحين كانت تأتي هذه اللحظات كنت أتصل بأمي وأصدقائي، مما كان يساعدني فعلاً أن أبقى على اتصال بالواقع. أوصتني أمي أن أخبر طبيبي وممرضة الصحة العامة بهذه المشكلة. شجعني طبيبي أن أستمر بالاتصال بالأخرين كما كنت أفعل. لكن الأفكار لم تتلاشى. في اتصال المتابعة الخاص بي مع ممرضة الصحة العامة، بعد زيارتها المنزلية لي، أخبرتها أنني ما زلت أعاني من الأفكار المخيفة. كانت قلقة وأخبرتني أنها ملزمة قانونياً بالاتصال بجمعية حماية الأطفال. وأكدت لي أن هذا لا يعني أنهم سيأخذون مني ابني، رغم أن هذا كان شيئاً يقلقني في أعماقي. لم يكن هذا ما توقعته حين فكرت في أن أصبح أماً.

لاحقاً في ذلك اليوم وصلت موظفة جمعية حماية الأطفال، وقامت بمقابلتي أنا وزوجي. أبلغت طبيبي بتدخلها في الموضوع وفي النهاية وصل الأمر الى إحالتي لطبيب نفسي حتى يستطيع أن يفهم ما الذي يجري. حتى أرى الطبيب لم يكن من حقي أبدا البقاء وحيدة مع ابني. كان شهر ديسمبر مخيفاً جداً وغير طبيعي، ولكن التواجد مع عائلتي في مؤتمر خلال إجازة الأعياد جعل الأمر محتملاً.

كنت أعيش في خوفٍ من نفسي، وحين كنت أنظر لابني، كنت أشعر بالحزن والغرابة أني مضطرة لإضافة نفسي لقائمة الأشخاص الذين كان يحتاج للحماية منهم

ذهبت بعد فترة إجازة الأعياد لزيارةالطبيب النفسي و استشاري، وهما اللذان نصحاني بمواجهة هذه الأفكار البشعة بالحقيقة والمنطق. حين كانت هذه الأفكار تأتني، كنت أذكر نفسي بحقيقة أني أماً رائعة تحب ابنها، بجانب بعض الحقائق الأخرى. الحديث المنطقي مع نفسي كان يأخذ شكلاً مقارباً لهذا: "بما أن أفكاراً مخيفة تنتابني عن السكاكين، إذا بقي السكين في المطبخ وبقي الطفل في غرفته، فلن يحدث شيئاً للطفل، طالما يبقى في مكانه، ويبقى السكين في مكانه." وحين واجهت نفسي بهذه الحقائق، كانت تأتيني الأفكار بشكلٍ أقل ومع الوقت أصبحت أزور الطبيب النفسي بوتير أقل.

تعلمت أن أبحث عن المسببات. اعتادت الأفكار أن تأتيني حين كنت متعبة أو لوحدي، لذا كنت أحاول أن أنال قسطاً من الراحة حين كان ابني ينام. كنت أرتب للقاء أصدقائي وأبنائهم الصغار حين كان زوجي في العمل. وأخبرت أصدقائي أيضاً بما أمر به، حتى يساندوني. كلما حاولت أن أقلل المسببات، كلما قلت الأفكار تدريجيا. حين أتم ابني ال 4 شهور ونصف، لم تعد الأفكار تشكل لي أي مشكلة. وقد أنجبت ولدان أخران جميلان بعد ذلك، وخضت هذا الصراع معهما أيضاً. وبالرغم من علمي بهذه المشكلة ومن حذري منها، إلا إنها حدثت في كل الأحوال.

إن لم أسعى للحصول على المساعدة، لربما استمررت أعاني في صمت. ومن يدري أين كانت ستقودني هذه الأفكار؟ كما قالت أحد عماتي، " أحياناً من الأفضل أن تنهار، لأن حينها يمكننا الحصول على المساعدة للكثير من الأمور المكسورة في حياتنا. أحياناً لا نعلم حتى أننا مكسورين."

إنجاب طفل هو تغيير كبير في الحياة، ونحن بحاجة إلى كل المساعدة التي يمكننا الحصول عليها. لا تخاف أن تتكلم. لقد وجدت أنه حين كنت أتحدث عن تجاربي، كنت أقابل العديد من النساء اللواتي مررن بتجارب مماثلة ولكن لم يكن لديهن من يتحدثن إليه. يتيح لنا الحديث حصول على المساعدة وإدراك أننا جميعاً نعاني بطرقٍ مختلفة. تذكر أن الأفكار السيئة لا تجعل منك شخصا سيئاً أو أماً سيئةً، الأهم هو ما نفعله بهذه الأفكار. لا تعاني في صمت - نستطيع مواجهة ذلك معاً. اترك لنا بياناتك في الأسفل وسيقوم أحد أفراد فريقنا بالاتصال بك في أقرب وقت ممكن.


لا ينبغي أن تواجه مُشكلتك لوحدك، تحدث إلى مُرشد مُرافق بالموقع بكل سرية و مجاناً

مُرشدونا ليسوا بمعالجين أو استشاريين أو أخصائيين في الطب النفسي. إنهم أناس عاديين لديهم الرغبة في تشجيعكم بكل محبة واحترام

بعض المشاكل يكون من الصعب جدا التعامل معها. فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو الأخرين, يُرجى قرأة هذه المقالة!

يرجى ملء النموذج أدناه حتى نتمكن من التواصل معك. جميع الحقول مطلوبة

جنسك:
السن:

نطلب معلومات عن عمرك و جنسك كي يتابعك مُرشد مُرافق يناسبك شروط الإستخدام & سياسة الخصوصية.