ألا يكفي مرة واحدة؟

عندما ظهرت نتيجة الفحص السنوي لي بعد عشر سنوات دون شيء يذكر، قالت لي أخصائية الأورام التي عالجتني " أنا لا أستخدم كلمة شفاء لأن هناك فرصة دائما لعودة سرطان الغدد الليمفاوية مرة أخرى، ولكني بعد عشر سنوات لا أعتقد أنه سيعود مجدداً وأنا متفائلة جدا".

كان ذلك في أول مايو 2015. وفي الأسبوع الأخير من مايو بدأت أشعر بآلام غريبة في بطني. بداية اعتقدت أنها تشنجات حيضية، على الرغم من عملية الاستئصال الكامل للرحم منذ سنوات، وبحلول الأول من يونيو ساء الأمر فجأة. ذهبت لقسم المستعجلات معتقدة بأن الأمر لن يتجاوز إلتهابات الزائدة الدودية، أمر الطبيب بإجراء أشعة مقطعية على بطني.

كنت أثناء ذلك أتساءل هل يمكن لالتهاب الزائدة الدودية أن يشفى في غضون أسبوع، كي أرافق زوجي في رحلة العمل. كنا أيضا خططنا للذهاب لرؤية أبنائنا وعائلاتهم، بعد المؤتمر الذي يخص عمله. كان لدينا حفيد جديد تجاوز الأشهر الثلاثة الأولى ولم نراه إلا مرة واحدة فقط.

بعد قليل دخل طبيب الطوارئ والممرضة إلى الغرفة بنظرة عابسة وجادة جدا. فقال لي بشكل مباشر " جميع العقد الليمفاوية في بطنك مُتضخمة". اقتربت الممرضة مني حتى تمسك بي إن أغميَّ عليَّ، ولكن ذلك لم يحدث، فوجئت بالأمر جدا، ولكنني حاولت البقاء هادئة وصافية الذهن. تذكرت بأنني عندما أصبت بسرطان الغدد الليمفاوية في الرقبة قبل عشر سنوات لم أتعرض لألآم، ولكن ماذا يمكن أن يكون سبب هذا التضخم بهذه السرعة؟ "سوى سرطان الغدد نفسه" نظر الطبيب إلي عابسا وقال: "أنتِ هادئة بشكل لا يصدق بشأن هذا الأمر."

"ما فائدة أن أكون مستاءة؟" لقد تجاهلت الأمر لإخفاء مشاعري. "لطالما علمت أن السرطان قد يعود." بالطبع، كنت مستاءة! أردت أن أصرخ! شعرت أنني تعرضت للخيانة من قبل جسدي، كان الأمر قاسياً، خاصة أن الأمر حدث بعد إجراء فحص الدم بفترة قصيرة.

مرت ثلاثة أسابيع دون أن أرى طبيب الأورام ولكني كنت على استعداد لاستقبال الأسوأ: "السرطان كان في المرحلة الرابعة وكل ما يمكن فعله هو إدارة وتحمل الألم".

كانت سرعة ازدياد الألم أكثر ما يخيفني، فقد بدأ الألم يزداد يوميا أثناء انتظار جدولة عمليات الفحص والمواعيد. وبدأت بزيادة جرعة المسكنات لكي أستطيع تحمل الألم وكل ذلك حصل في وقت قصير، كان الأمر أشبه بالمخاض في نهاياته مع عدم وجود فواصل بين الانقباضات كان أمراً سيئاً للغاية.

بصفتي امرأة مؤمنة لم أكن خائفة كثيراً من الموت، بقدر شعوري للحاجة إلى ترتيب أموري وشؤوني، وأعددت وصيتي وكتبت رسائل إلى زوجي وأولادي وزوجاتهم وأحفادي الثلاثة، ومما حطم قلبي أنهم كانوا صغارا ولن يجدوني في ذكرياتهم.

ألغى زوجي رحلة عمله المقررة، ولكننا ذهبنا لزيارة أبنائنا قبل عودتنا للمدينة بساعات، تضاعف الألم مرة أخرى واضطررت للذهاب إلى قسم الطوارئ، أعطيت جرعتين من المسكنات لتخفيف الألم بشكل كافٍ حتى أتمكن من ركوب الطائرة، ومن الكرسي المتحرك عانقت أولادي وأحفادي كأنني أودعهم إلى الأبد.

عودة السرطان بشكل غير متوقع، عندما كانت جميع المؤشرات تُشير الى أنه قد اختفى الى الأبد، هي شيء مرعب جداً

في هذا الوقت كنت قد أكملت كتابة رواية خيالية وارسلتها الى وكالات النشر، عندما شعرت بدنو أجلي أحسست ان نشر الكتاب سيكون بمثابة هدية وداع الى عائلتي واصدقائي.

وأخيرا التقيت بطبيبة الاورام التي كنت سأحتفل معها بمرور عشر سنوات على الشفاء، ولكن ذلك لم يحدث. في ذلك اليوم كانت غاضبة من عودة السرطان، اعتقدت الطبيبة أنَّ الورم كان في مرحلته الثالثة فقط ولكني كنت بحاجه الى فحص جديد لتحديد نوع الليمفاوي (السرطان) لكي تتمكن من تحديد العلاج الكيميائي الصحيح.

استمر الألم في التزايد يوميًا، ووصفت لي الطبيبة مسكنات أقوى. حاولت أخذ أصغر جرعة ممكنة ولكن سرعان ما اضطررت إلى زيادة الجرعات واحتجت إلى شراء الدواء مرة أخرى. بالرغم من أنني كنت أتناوله على النحو المنصوص عليه من قبل الطبيبة، إلاَّ أن الصيدلاني قد رفض أن يعطيني دواء جديد. قائلاً إنه لم يكن من المفترض أن آخذ الكثير منه في غضون هذه الفترة القصيرة. في هذه الأثناء، كانت إحدى ممرضات العلاج الكيميائي في خضم صراع مع شركة التأمين من أجل تسريع تصحيح الألم وبعدها لن أضطر إلى تناول الكثير من المسكنات. ولتكون الأمور أكثر تعقيداً، رفض أخصائي الأشعة، الذي أدخلني لأجراء القسطرة، أن يقوم بإجراء استئصال الورم، لان العقد الليمفاوية كانت ملفوفة حول الشريان الأبهر البطني، فقال إن العملية "خطيرة للغاية".

الجراح المحلي الوحيد الذي وجدناه كان يردد سؤاله إذا ما كانت هناك أي عقد ليمفاوية أخرى يمكنه انتزاعها بدلاً من الأخرى. هذا ما زاد من قلقي أكثر! بعد إتمام الأمر في 3 يوليو، اضطررت للبقاء طوال الليل في المستشفى.

واجهت صعوبة في إقناع الممرضات أنني كنت أعاني من ألم رهيب، وأخيراً خطرت في بالي فكرة أن اقول للممرضة " أنَّ الألم ليس من الجرح، إنه ألم السرطان"

تلك الكلمات كانت بمثابة السحر! فلو كنت قد أخبرت الصيدلاني أن آلام السرطان تزداد يوميًا، فربما لم يرفض بشدة تجديد الدواء لي.

بناءً على تجربتي قبل عشر سنوات، كنت أعرف أنه بمجرد أن يلمس العلاج الكيماوي العقد الليمفاوية، فأنها تتقلص، ويختفي الألم. وعندما اتصلت بطبيبة السرطان للحصول على موعد، قالت السكرتيرة، "إنها في إجازة لمدة أسبوعين." شعرت وكأنني سأموت ولا أحد يهتم! لقد فقدتُ صوابي: "إذا اضطررت إلى الانتظار كل هذا الوقت، من الأفضل إطلاق النار على نفسي، لأن هذا الألم سيقتلني".

موظفة الاستقبال جعلتني أنتظر على الخط وعادت بعد أقل من دقيقة وقالت: "يمكن للدكتورة أن تجعل موعدك صباح يوم الخميس قبل أوقات مواعيدها المعتادة ".

في الأسبوع التالي بدأت العلاج الكيميائي. وكما حدث سابقا، بدأت الغدد الليمفاوية المتضخمة على الفور في التقلص. في غضون يومين تمكنت من التوقف عن استخدام كل مسكنات الألم.

الآن وبعد أن تخلصت من الألم ومسكنات الآلام، استطعت التركيز على محاربة السرطان. بعد ستة أسابيع من العيش في كابوس من الآلام، شعرت بسهولة في التعامل مع الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي مقارنة بالمرات السابقة. لم أعتقد أبدًا أنني سأستخدم كلمة "سهلة" و "علاج كيميائي" في نفس الجملة!

عودة السرطان بشكل غير متوقع، عندما كانت جميع المؤشرات تُشير الى أنه قد اختفى الى الأبد، هي شيء مرعب جداً. لن يسعك عندها إلا أن تتساءل "لماذا أنا؟ ألا يكفي مرة واحدة؟ "

لكن المقولة المشهورة: "ما لا يقتلك، يجعلك أقوى" لها ما يُبررها. فبعد أن مررت بالتجربة من جديد، وهزمت هذا الوحش مرة أخرى، يمكنني فعلاً أن أشهد على حقيقة تلك المقولة.

لقد تجاوزت مرحلة عودة السرطان منذ عدة سنوات، وكوَّنت ذكريات مع أحفادي.

لقد ألهمتني النجاة من السرطان مرتين أن أساعد الآخرين الذين يمرون بنفس التجربة. إن الأمر غير عادل وغير مرغوب فيه وغير متوقع، ولكن يمكننا أن نتجاوزه مرة أخرى.

إذا كنت تعاني من تكرار الإصابة بالسرطان وترغب في التحدث إلى شخص ما، فأترك لنا معلومات الاتصال بالأسفل وسيقوم شخص من فريقنا بالاستماع إليك. لأنك لن تواجه هذا وحدك.

مصدر الصورة Ken Treloar

لا ينبغي أن تواجه مُشكلتك لوحدك، تحدث إلى مُرشد مُرافق بالموقع بكل سرية و مجاناً

مُرشدونا ليسوا بمعالجين أو استشاريين أو أخصائيين في الطب النفسي. إنهم أناس عاديين لديهم الرغبة في تشجيعكم بكل محبة واحترام

بعض المشاكل يكون من الصعب جدا التعامل معها. فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو الأخرين, يُرجى قرأة هذه المقالة!

يرجى ملء النموذج أدناه حتى نتمكن من التواصل معك. جميع الحقول مطلوبة

جنسك:
السن:

نطلب معلومات عن عمرك و جنسك كي يتابعك مُرشد مُرافق يناسبك شروط الإستخدام & سياسة الخصوصية.