نتائج التعافي

كانت نوبات الصداع النصفي تنتاب زوجي قبل زواجنا، وكانت عنيفة، مصحوبة بالغثيان وكان يجد راحته بالجلوس في الظلمة ووضع وسادة على رأسه.
جربنا العديد من مسكنات الألم وطرق العلاج والحميات الغذائية، بالإضافة لمجموعة من الأشعة والتحاليل التي طلبها الأطباء، ولكن دون جدوى وكان التشخيص دائما هو نفسه.

كانت تزداد حدة نوبات الصداع النصفي وقد أثرت على عمله وعلى أنشطته وعلاقاته وخصوصاً خلال الأعياد و الإجازات والأفراح، وحتى خلال ولادة أبنائنا. كان زوجي حينها إمَّا يعاني من نوبات الصداع النصفي، أو يكون مطروحاً من الأثار الجانية لمسكنات الألم.

وبعد خمسة سنوات من البحث عن أية حلول، ظهر دواء جديد اسمه ترامادول، وقد حمل هذا الدواء لنا معه أملاً جديداً. ترامادول (يولترام) كان حينها يتم تسويقه على أنه الدواء العجيب: فقد كان يقضي على الألم دون أن يؤثر على طاقة زوجي، وساعده الترامادول في تلك الفترة أن يبقى حيوياً ونشيطا.

لكن الأمر لم يأخذ وقتاً طويلاً حتى صار لزوجي مناعة ضد مفعول الترامادول.
وأصبح يأخذ العديد والعديد من الأقراص ليقضي على الصداع.
قام تأميننا الصحي بتقنين عدد الأقراص التي كان يغطيها لنا شهرياً، لذلك اضطررت للعودة للعمل مجدداً حتى أستطيع مساعدته في تحمل تكاليف دوائه. وكنت أدرك أن الديون العلاجية تحدث للكثيرين من أصحاب الأمراض المزمنة.

وحين قلَّ المال بشكلٍ ملحوظ حتى أننا لم نعد نستطيع شراء احتياجات البيت من الطعام والشراب، نفذ صبري، وبدأنا بالجدال حول الأمر، وكنت دائما أطالبه بالتغيير.
لقد كان زوجي معلماً ولكن يبدو أنه ليس لديه أي سيطرة على إنفاق المال على ألمه، لذلك كنت أشعر بالضيق من تصرفاته.

بعد سنة صعبة من الصراع ونوبات الصداع النصفي والديون المتزايدة، قررت أنا وزوجي أننا بحاجة إلى بداية جديدة، لربما كانت نوبات الصداع هي عبارة عن رسالة مفادها أننا لم نكن نعيش الحياة التي يجب أن نعيشها.

بداية انتقلنا لمدينة أخرى حتى يتمكن زوجي من الالتحاق بمعهد لتعليم الوعاظ ويصبح واعظاً، لم تكن حياتنا منتظمة، فلقد انتقلنا باستهتار ومعنا طفل حديث الولادة وبدون عمل ولا بيت. فكنا ننتقل بعائلتنا المكونة من ستة أفراد من مكان لأخر للبحث عن عمل، وأثناء ذلك تعرضنا لحادث سير وخسرنا سيارتنا بالكامل، مما أعطاه مبرراً جديداً للسعي وراء الحصول على مسكنات الألم.

خلال تلك الفترة لم أكن منتبهة جيداً لعادات زوجي، لأنني كنت أقوم بتعليم أطفالي في البيت، بالإضافة أن الطفل الرضيع لم يكن ينام جيداً، ولم يكن لدينا أي مال، وكنت أركز كل طاقتي وقتها للصمود في هذه المحنة.
ولمدة تزيد عن السنة، استطاع زوجي اخفاء شرائه للأدوية وديونه عني. كان يعمل خلال تلك الفترة كمندوب للمبيعات، وتنقله الدائم بين أماكن متفرقة سهل له ذلك الأمر. كما أن القروض القصيرة الأجل فتحت له باباً جديداً للإنفاق على إدمانه.

ولمدة تزيد عن السنة، استطاع زوجي اخفاء شرائه للأدوية وديونه عني، فكان يعمل خلال تلك الفترة كمندوب للمبيعات. .تنقله الدائم بين أماكن متفرقة سهل له ذلك الأمر، والقروض القصيرة الأجل فتحت له باباً جديداً للإنفاق على إدمانه

كانت معاناة زوجي من نوبات الصداع النصفي لم تنتهي بعد، وفي نهاية كل أسبوع تقريبا كان يمكث في غرفتنا واضعاً وسادة على رأسه، حينها كنت أحاول إبقاء أبنائنا هادئين لأجله. في البداية اعتقدت أنها نوبات من الصداع النصفي، في الحقيقة كانت نوبات صداع بسبب قلة وجود الترامادول في جسمه، وحينها كان يشعر بتأنيب الضمير، بسبب نفاذ المال وعجزه عن شراء الأقراص.

من بين جميع البرامج التلفزيونية التي كنت أشاهدها، كان برنامج أوبرا وينفري للحوارات وكانت مقدمة البرنامج هي الوحيدة التي فتحت عيناي على الحقيقة. شعرت بالصدمة حين كنت أستمع إلى أحد ضيوفها حين كانت تصف نفس مشكلات زوجي من غيابات غير مفسرة، وديون سرية، وتغيرات في الشخصية.... ثم كشف زوجها الحقيقة: لقد كان مدمنا على أقراص الترامادول لعلاج الألم.

لسنوات عدة كنت أصنف تصرفات زوجي على أنها عدم نضج وعدم تحمل للمسؤولية، فاستخدامه للترامادول لم يكن جسديا ملموسا فلم يكن يتصرف يوماً "كالمنتشي". في النهاية اتجهت إلى الإنترنت لأحصل على الأجوبة الصحيحة، حينها وجدت معلومات صيدلانية بخصوص أقراص الترامادول ولم أصدق ما كنت أقرأ، الترامادول يعتبر مسبباً للإدمان بدرجة كبيرة مثل الهيروين تماماً. شعرت بالارتياح والتوتر في نفس الوقت، وعندما واجهت زوجي اعترف بالحقيقة.

ولأنه لم يكن لدي أي خبرة عن الإدمان، اعتقدت بأنه إذا استطاع أن يتجاوز أعراض التوقف عن الترامادول، فسيختار عندها الخيارات الصحيحة، فهو ليس سيئ بطبعه. حاولت في البداية مساعدته في التخلص من الأقراص، ولكن الأمر لم يستمر طويلاً.

بعد عدة شهور من محاولة زوجي التخلص من الإدمان لوحده، كانت محاولاته بلا جدوى وخسر عمله. واكتشفت بعد ذلك أنه ما زال يشتري تلك الادوية. قررت أخيراً طلب المساعدة من صديق نعرفه واقترح أن يذهب زوجي إلى مركز إعادة التأهيل من تعاطي المخدرات.

خلال ال 21 يوماً من تواجد زوجي بمركز إعادة التأهيل من المخدرات، اتضحت أمامي حقيقة 10 أعوام من الأسرار والأكاذيب. فكرت بدايةً في أخذ الأطفال وترك البيت، لكنني عندها سأكون في مواجهة مستقبل مجهول. كنت أؤمن بأنه إذا تخلى زوجي عن الأقراص، فستتحسن أحوالنا ونصبح أفضل بكثير.

حين غادر زوجي مركز إعادة التأهيل، أخبروه أن عليه حضور 90 اجتماعاً من اجتماعات جمعية مدمني المخدرات والكحول خلال 90 يوماً. جرب زوجي الالتحاق بمجموعة تلو الأخرى ولكنه أخبرني بأنه لا يشعر بالانتماء إلى أي منهم وأنه أصبح بحالة جيدةٍ ولم يعد محتاجا لحضور الاجتماعات. بكل سذاجة وافقته، ولم يظهر حينها على زوجي ما يوحي بتكراره للتصرفات المعروفة لدى المدمنين فهو: معلم، وكنت أريد وبكل قوة أن يصبح "الإدمان" جزءاً من الماضي.

بعد عدة شهور أصبح زوجي مديراً لمركز المؤتمرات، وبعد ذلك بستة أشهر، حين بدأت الفواتير مجددا في التدفق بكثرة، اكتشفت أنه عاد إلى إدمان تلك الأقراص مرة أخرى.

بكيت وتوسلت وصرخت في وجهه أنه يعرض عمله للخطر. قطع لي وعوداً بعدم العودة، لقد ساعدته حتى يتعافى. لكن عندما كانت تصيبه نوبة صداع نصفي، أو يكون لديه زيارة لطبيب الأسنان، أو يمر بضغوطات في العمل، كانت هذه الأشياء تعيده مجدداً لعادته القديمة، وفي كل مرة كان ينتكس، كان يعود لتناول 30 قرصاً في اليوم.

خلال سنوات عمله في مركز المؤتمرات، كان لدى زوجي القدرة على الوصول إلى البريد أولا و قام بعمل عناوين بريد إلكترونية خاصة، وبكل سرية تقدم لطلب بطاقات الائتمان جديدة، ليشتري بها الترامادول عبر الإنترنت.

لا يمكن للإنسان أن يتحمل العيش مع زوجة أو زوج يخفي أسرارا لفترة طويلة. أصبحت ناقمةً جداً عليه لدرجة جعلتني أغادر البيت مع أطفالي إلى بيت والدي. كنت حينها في أمس الحاجة للمساعدة. ووجدت المساعدة والدعم في برنامج للتعافي قائم على الإيمان مع مجموعة صغيرة من النساء، وتركت مشاعر الخوف والغضب التي كانت تمتلكني لسنوات عديدة.

في نفس الوقت ذهب زوجي للعلاج أيضاً، واعتقدت أنه كان يتعفى. تركته يتحمل لوحده تبعات أفعاله، كانت العواقب مدمرة، فقد تعرض للانتكاس بشكلٍ كبير مرتين خلال السنة الأولى من عملية تعافيه الحقيقية، وقد كلفه ذلك عمله، وبيتنا، وكل قرش كنا نملكه.

شعرت وأطفالي بالحزن والغضب الشديدين لفقدان العيش في مركز المؤتمرات. لكن في نهاية الأمر ظهر سرنا المخزي للعلن، وحينها شعرت بالتحرر، فلم أعد أبالي، لقد خرجت عن سيطرتي كل محاولاتي للحفاظ على مظهرنا. وبقيت لأرى ماذا سيحدث عندما يتحمل زوجي كامل المسؤولية عن شفائه. بعد ذلك لم أعد مضطرةً للقيام بمساعدته أو حمايته أو التستر عليه.

كان عليه بدء حياته من جديد، فبدأ يعمل عملاً صغيراً بالساعة (لذا كنت أعلم أين هو طيلة الوقت). وخلال الست سنوات التالية، عمل بجد ليعيد بناء سمعته وزواجنا وعائلتنا وحياتنا في نفس المجتمع الصغير الذي انهار فيه كل شيء. كوَّن مجموعة للتعافي من المخدرات، وأصبح يذهب إليها دائماً، وبعدها بسنتين، أصبح واعظاً.

لم يكن الطريق سهلاً، فمنذ ثمانية سنوات لغاية الآن شُفي زوجي تماما من الإدمان ومن نوبات الصداع النصفي أيضاً. بعد مرور 15 عاماً من العار والأسرار، تغير كل شيء حين طلبت المساعدة.

إذا كان شريك حياتك يعاني من الإدمان، ربما تشعر بمشاعر العجز والغضب والأمل الزائف الذي اختبرته. لست وحدك. إذا قمت بترك بياناتك في الأسفل، سيقوم أحد أفراد فريقنا بالتواصل معك قريباً.


لا ينبغي أن تواجه مُشكلتك لوحدك، تحدث إلى مُرشد مُرافق بالموقع بكل سرية و مجاناً

مُرشدونا ليسوا بمعالجين أو استشاريين أو أخصائيين في الطب النفسي. إنهم أناس عاديين لديهم الرغبة في تشجيعكم بكل محبة واحترام

بعض المشاكل يكون من الصعب جدا التعامل معها. فإذا كنت تفكر في إيذاء نفسك أو الأخرين, يُرجى قرأة هذه المقالة!

يرجى ملء النموذج أدناه حتى نتمكن من التواصل معك. جميع الحقول مطلوبة

جنسك:
السن:

نطلب معلومات عن عمرك و جنسك كي يتابعك مُرشد مُرافق يناسبك شروط الإستخدام & سياسة الخصوصية.